مع اعتراف الدولة السعودية رسميا بتورطها في التخطيط لجريمة اغتيال الصحفي السعودي المرحوم جمال خاشقجي، وتنفيذها داخل قنصليتها باسطنبول في الثاني من أكتوبر 2018، تنتهي أخلاقيا وبشكل مأساوي ومرعب أسطورة المملكة العربية السعودية، التي طالما حرصت على تكريسها كزعيمة للعالم الإسلامي الذي يتجاوز عدد أفراده اليوم ملياري نسمة، يشكلون أكثر من ربع سكان العالم.
هكذا انتهت تلك المشروعية الأخلاقية وتلك المكانة الرفيعة التي طالما تمتعت بها السعودية في وجدان غالبية المسلمين، باعتبار أن أراضيها تضم الأماكن الإسلامية المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأنها انطلاقا من ذلك، تعتبر زعيمة بلا منازع لطائفة المسلمين السُّنة، التي يقدر عدد أفرادها بحوالي مليار ونصف مليار نسمة في جميع أنحاء العالم.
لكن، لماذا يجد الكثير من المسلمين في العالم اليوم صعوبة حتى في تصديق هذه النهاية المرعبة وغير المتوقعة؟ وكيف يستوعبون اختفاء تلك الصورة النمطية التي تربت على احترامها -بل وتقديسها أحيانا- أجيال متعاقبة من المسلمين في شتى أنحاء العالم؟ بل وكيف يمكن للمسلمين تجاوز الصدمة لكي يتمكنوا من فهم الأبعاد المتعددة والخطيرة لهذا السقوط الرهيب؟ لدولة بحجم السعودية، كانت تفاخر بلقب ملكها باعتباره “خادم الحرمين الشريفين”. ثم هل سيكون لدى المسلمين، بعد أن يستوعبوا الحقيقة الصادمة، ذلك المستوى المطلوب من قوة الإرادة والقدرة على الاستشراف من أجل التعامل مع التداعيات المختلفة لهذا السقوط قبل فوات الأوان؟ بما يحد من الخسائر والتكاليف.. ويساعد على الخروج من المأزق بشكل يليق بالمكانة الروحية والحضارية، وكذا بالثقل الجيوستراتيجي الذي يمثله العالم الإسلامي.. بكل تنوعه وثرائه الثقافي واختلافه السياسي..
بعد اليوم، لا أعتقد بأن المسلمين – وخاصة أهل السُّنة- سيشرفهم أن تقودهم دولة تغتال مواطنيها الأبرياء داخل قنصلياتها، وتمثل بجثثهم، بل وترفض حتى مجرد تسليمها لذويهم من أجل إقامة مراسم الدفن واستقبال التعازي، كما هو معهود في التقاليد الإسلامية الراسخة.
لا شك بأن اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، جريمة وحشية، بشعة، صادمة وممجوجة بكل المعايير والمقاييس.. إنها جريمة بكل المعاني الإنسانية والأخلاقية والتاريخية، والدينية والسياسية والعاطفية.. وهي تطرح حاليا وستطرح في المستقبل القريب، العديد من المشاكل بالنسبة للعالم الإسلامي على كل المستويات الإنسانية والأخلاقية والدينية والسياسية والفكرية..
فعلى المستوى التاريخي، لا يكاد التاريخ الحديث والمعاصر يذكر سوى أمثلة قليلة جدا عن عمليات قتل الدول لأفراد من رعاياها داخل بعثاتها الدبلوماسية.. لذا، ستدخل هذه الجريمة في كتب ومجلدات التاريخ من الباب الواسع، سواء من حيث غرابتها، وبشاعتها أو من حيث تداعياتها الخطيرة على كل الأصعدة.
أما على المستوى الأخلاقي، فلم يكن غالبية المسلمين ليتصوروا بأن دولة مسلمة، حتى لو كانت شمولية مثل السعودية، ومهما بلغ بها التجبر والاستبداد والعجرفة، يمكن أن تسقط إلى مستوى تعامل المافيا والعصابات مع مواطن بريء، لا ذنب له سوى التعبير عن رأيه بكل مسؤولية واحترام عبر وسائل الإعلام ومن خلال الكتابة في كبريات الصحف الدولية.
أجل، لقد انهارت فجأة تلك الثقة والقدرة الائتمانية، وانهار معها ذلك الرصيد الأخلاقي من الاحترام والتقدير الذي كان المسلمون يمنحونه مجانا للسعودية رغم كل مساوئها.. لقد آن الأوان لحكام ذلك البلد أن يستفيقوا من غيهم ويتوقفوا عن مكابرتهم، لكي يستطيعوا فهم المشاعر المصدومة لأكثر من ملياري مسلم في أنحاء العالم إزاء مأساوية وبشاعة ما اقترفته أيديهم من جرم في قضية جمال خاشقجي.. التي يبدو أنها ليست سوى الشجرة التي تخفي الغابة..
أما على المستوى الديني، فلا بد أن المسلمين يتساءلون بجدية، ولو بصيغ تعبيرية مختلفة: هل يجدر بهم بعد كل ما حدث، أن يقبلوا أن تستمر السعودية- بعد أن أصبحت بالفعل دولة مارقة- في رعاية الأماكن المقدسة في الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة وضواحيهما؟
هل ينسجم شرعيا وأخلاقيا رفع راية تحمل شهادة التوحيد مع تعمد قتل امرئ مسلم بريء، وتقطيع أشلائه داخل قنصلية بلاده، التي يفترض بأنها مرفق عمومي ممول من طرف دافعي الضرائب من أجل توفير الأمان والرعاية والخدمة لمواطني البلد خارج وطنهم؟
وهل يستقيم أصلا من الناحيتين الشرعية والأخلاقية، أن يوضع بلد يضم أقدس الأماكن لدى عامة المسلمين أي الكعبة المشرفة، وهي بيت الله الحرام، والمسجد النبوي الشريف، وكل المشاعر المقدسة الأخرى في منى، وجبل عرفات، ومزدلفة، وغيرها من المواقع والمزارات الإسلامية التي تقع في ضواحي هاتين المدينتين، هل يعقل أن تبقى هذه المقدسات تحت تسمية هي مجرد نسبة لشخص أو لعائلة ولو كانت أبناء سعود؟ أحرى أن تكون تلك النسبة تحت صفة “مملكة”؟ وهي في رأيي إضافة شاذة وادعاء باطل، فلا يعقل شرعا ولا عقلا أن تخلع صفة الملك البشري الناقص والمحدود على الملك الإلهي المطلق والكلي، أي على بلاد الحرمين الشريفين. فلماذا لم يعبر المسلمون عن احتجاجهم على تلك التسمية وتلك الإضافة غير اللائقة منذ البداية؟ رغم أن عددهم آنذاك يزيد على مليار نسمة، ولماذا يستمر المسلمون حتى اليوم في السكوت على هذا الوضع الشاذ وهم أكثر من ملياري نسمة في جميع أرجاء المعمورة؟
ألم يحن الوقت بعد ليطالب المسلمون في جميع أنحاء العالم دولهم بأن تتدخل لدى المنتظم الأممي لكي تمنح الأماكن المقدسة وضعا سياسيا ككيان مستقل غير خاضع لسيادة أي دولة مهما كانت.. على أن تتم إدارته وتدبير شؤونه الدينية والمدنية من طرف هيئة إسلامية يتم الإتفاق عليها وعلى قواعدها الناظمة وإجراءات عملها، بين كل الدول الإسلامية ومنظمات المجتمع المدني الإسلامي الحرة، بحيث تكون هيئة مستقلة من النواحي المالية والإدارية.
أعتقد أنه، بعد السقوط السعودي الشنيع والتمادي في جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، لا يمكن إلا أن يشعر المسلمون في جميع أنحاء العالم بأنهم لم يعودوا آمنين على أنفسهم داخل البعثات الدبلوماسية والقنصليات السعودية عندما يلجؤون إليها من أجل ترتيبات الحج والعمرة.. أو لإتمام أي معاملات أخرى عادية، ناهيك عن الأخطار والمشاكل والخلافات الجيوسياسية الكثيرة المنذرة بتفشي الصراعات وانعدام الاستقرار وتهديد السلام، التي ستؤدي إليها- بلا شك- تداعيات تصفية جمال خاشقجي، بين كل من تركيا والسعودية من جهة، وبين السعودية وبقية بلدان العالم الغربي من جهة أخرى، على ضوء ما توحي به التطورات الجارية على المستويات الدبلوماسية والسياسية والقضائية وغيرها.
لقد حان الوقت الآن بعد كل هذا التخبط والتيه، لكي يوضع حد لاحتكار شرف رعاية الأماكن الإسلامية المقدسة والاستحواذ على ريعها من طرف السعودية. ويكفي بأن هذه الأماكن المقدسة قد تم اختطافها طيلة هذه الفترة، من طرف أشد أنظمة الحكم تزمتا واستبدادا وظلامية. لقد استغلت السعودية سمعة الدين الإسلامي بكل بجاحة، وسادت بإسمه ردحا طويلا من الزمن، بينما ظل نظامها يبدد ثروات بلاده ويضطهد شعبها، حيث يقبع حاليا أكثر من ثلاثة آلاف مواطن في السجون والمعتقلات. وهو نظام ما فتئ – رغم ادعاء ميوله نحو التحديث والإصلاح، يعيش في ظلامية القرون الوسطى، وذلك ما يثبته قراره المضحك مؤخرا بالسماح للسيدات بقيادة السيارات، بينما يعرف الجميع بأن النساء كن يقدن سياراتهن ولكن سرا، وكان النظام يحكم عليهن بالسجن إذا ما انكشف أمرهن.. كما يعرف جميع المسلمين والعالم أجمع، بأن النظام السعودي لم ينتج من الناحية العملية خلال أكثر من مائة سنة، غير السلفية المتطرفة، وتفريخ التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش وأخواتها..
لقد حان الوقت لكسر مركزية تحالف الأنظمة العشائرية والرجعية العربية الاستبدادية المتواطئة مع هيمنة الغرب الإمبريالي وجشعه اللامتناهي من أجل استغلال مصادر الطاقة في شبه الجزيرة والخليج العربي.
بعد كل ما حدث، لا شك بأن الضمير الجمعي للمسلمين قد بدأ يستيقظ.. لذا، كان لا بد للنخب المستنيرة والمجتمع المدني الحر في العالم الإسلامي أن تبحث عن صيغة مناسبة لوضع آلية للإشراف على تدبير شؤون الأماكن الإسلامية المقدسة في الحرمين الشريفين، تكون أكثر عقلانية وتوازنا وإنصافا. وذلك من خلال الأخذ بعين الإعتبار المعطيات الموضوعية الديموغرافية والجيوستراتيجية الكبرى للبلدان الإسلامية غير العربية، خاصة منها تلك التي ليس لها ماض استعماري ولا حساسيات محلية في المنطقة. وبالتالي، فلا بد من إعادة تقييم مشاركة المسلمين غير العرب، حيث يمثل العرب أقل من 20% من المسلمين في العالم، أما المسلمون من الأمم الأخرى فتبلغ أعدادهم الهائلة مثلا في شرق وجنوب ووسط آسيا أكثر من 40% من إجمالي المسلمين، بينما يمثل بلد واحد في جنوب شرق آسيا هو إندونيسيا أكبر عدد من المسلمين، يقدر بحوالي 13% من إجمالي المسلمين في العالم.
وكذلك، لا بد من الأخذ بعين الإعتبار حجم المسلمين في القارة الإفريقية وفي دول الساحل وجنوب الصحراء الكبرى، الذين يمثلون حوالي 15%، حيث يبلغ عدد المسلمين في دولة واحدة مثل نيجيريا أكثر من 70 مليون نسمة، وهو رقم يعادل عدد المسلمين في جميع دول الخليج ومعها اليمن. كما توجد مجتمعات إسلامية كبيرة في الصين وروسيا والقوقاز، والفلبين وفي الأمريكتين، وأوروبا.
ولا شك بأن الطريق لمعالجة واقع المسلمين وآفاق النهوض بمستقبلهم بعد سقوط أسطورة السعودية، يمر حتما بالتشاور مع المجتمعات الإسلامية الكبرى في تلك البلدان الكبرى، بغية إشراك أكبر عدد ممكن من المسلمين في عملية تشخيص الواقع والخروج بتصورات تشاركية مستنيرة لكيفية التوصل معا إلى حلول ناجعة لمواجهة التحديات، قصد التوصل إلى اتفاق دولي تمنح بموجبه الأماكن الإسلامية المقدسة وضعا قانونيا شبيها بوضع الفاتيكان، حيث يمكن تسمية الكيان الجديد بسلطنة أو جمهورية الحرمين الشريفين، مع وجود مجلس إدارة ذا طابع دولي، تتمتع فيه الدول الإسلامية المختلفة والهيئات الكبرى للمجتمع المدني الإسلامي الحر، بعضوية غير دائمة من خلال تناوب دوري محكوم بضوابط متفق عليها مسبقا.
كما يمكن أن تطالب الدول والمجتمعات الإسلامية الكبرى مثل اندونيسيا التي تمثل أكثر من 200 مليون مسلم، وباكستان وفيها أكثر من 180 مليون مسلم، والهند وهي أكثر من 170 مليون مسلم، وبنغلاديش وهي أكثر من 150 مليون مسلم، والصين وفيها أكثر من 120 مليون مسلم، وإيران، ونيجيريا ومصر وتركيا، حيث يوجد في كل منها أكثر من ثمانين مليون مسلم، ببعض الإصلاحات الضرورية مثل تحريم وضع عبارات التوحيد والرموز الدينية الإسلامية، التي تعتبر ملكا مشتركا بين جميع أفراد الأمة الإسلامية، على أعلام الدول، وبالتالي ضرورة تغيير العلم السعودي الحالي بما يتلاءم مع هذه المقتضيات.
وكذلك لا بد من المطالبة بتغيير أنظمة الحكم في شبه الجزيرة والخليج العربي – هذه المنطقة التي تمثل أقل 2% من تعداد المسلمين في العالم، إما إلى ملكيات دستورية ديمقراطية، يفصل فيها تدبير شؤون الدولة بين من يملك ومن يحكم، أو إلى جمهوريات عصرية تقوم على مبادئ الفصل بين السلطات، والتناوب السلمي على الحكم حسب النظام الديمقراطي الانتخابي، وذلك من أجل ضمان مناخ سياسي إيجابي، يساعد على استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة التي توجد بها الأماكن الإسلامية المقدسة وعلى تخومها، وذلك بشكل مستدام وعلى المدى الطويل..
لقد حان الوقت بالنسبة للمسلمين عامة وللطائفة السُّنية بكل خاص، وهي التي تمثل بحجمها الديموغرافي ما يزيد على مليار ونصف من الأفراد، ينتشرون في جميع القارات.. في آسيا، وإفريقيا، وأوروبا وأمريكا وأوقيانوسيا، وفي أكثر من 50 بلدا إسلاميا، ولا شك بأن في كل هذه المجتمعات الإسلامية من العلماء والمفكرين وأهل الدين والورع.. وأهل الخير والبر وحفظة القرآن.. لا شك بأن فيهم من هم أحرص من السعودية على حماية بيضة الإسلام، وعلى قيام نهضة الأمة، وازدهار الحضارة الإسلامية، واستمرار إشعاعها الحضاري في العالم.. بعيدا عن الاستغلال السياسي والنفعي للدين، وعن كل المسلكيات السلبية التي لا تليق بالدين الإسلامي الحنيف.
أعتقد بأن المسلمين السُّنة، بما يتمتعون به من مكانة ومقدرات كبيرة وثقل جيوسياسي وازن، مطالبون اليوم ربما أكثر من غيرهم، بالعمل على تغيير الصورة النمطية السائدة عنهم .. وبمعالجة الميراث الصعب الذي خلفته السعودية، رغم أنها ليست من بين الدول الإسلامية العشر الأوائل من حيث تعداد المسلمين، لكنها استطاعت من خلال الإنفاق على الدعاية والعلاقات الزبونية وشراء الذمم، أن توهم العالم بأن العرب هم الغالبية الساحقة من المسلمين، وأنها هي التي تمثل العرب، وبأن المسلمين من غير العرب إنما هم مجرد “إخواننا” في الدين وعليهم أن يتبعوا علماء العرب..الذين تم اختزالهم في وقت من الأوقات في عدد قليل من علماء السعودية المدجنين، رغم أن الدول العشر الأوائل من حيث عدد المسلمين توجد ضمنها ثلاث دول عربية هي مصر والجزائر والمغرب، بينما الدول الأربع الأولى هي أساسا غير عربية، وهي اندونيسيا والهند، وباكستان، وبنغلاديش.
لقد كرست الدوغمائية السعودية نظرة اختزالية وإقصائية للمسلمين من غير العرب، بل ومن العرب أيضا ممن لا يقبلون الدوران في فلكها، جاعلة لنفسها ريادة في الدين والعقيدة ما أنزل الله بها من سلطان.. وموحية بأن الله قد منحها ذلك الفضل من خلال هيمنتها السياسية على الأماكن الإسلامية المقدسة.. وأن قيادة المسلمين إنما ترجع لها هي باعتبارها مرجعية دينية مطلقة.. لقد توهمت السعودية بأن الله قد أمرها هي فقط بالاهتمام بأمر المسلمين، بل لربما اعتقدت خطأ أيضا بأن الله قد أمرهم بإتباعها!
وهكذا، منذ عشرات السنين، دأبت السعودية إلى النظر إلى العالم الإسلامي كمجرد قطيع، أو مخزون بشري جاهز لتظهير وتأييد قراراتها وسياساتها على الدوام، مهما كانت خاطئة وطائشة.. لقد زجت السعودية -خدمة للأجندة الأمريكية- بالمسلمين السُّنة في حروب “الجهاد” في أفغانستان ضد السوفيات في نهاية سبعينيات القرن الماضي.. وكان صراعا بين القوى الدولية العظمى ضمن طاحونة الحرب الباردة، ولا ناقة ولا جمل فيه للمسلمين.. كما زرعت بذلك بذور الإرهاب من خلال عودة “الأفغان العرب” إلى بلدانهم بعد الحرب الأفغانية. أما حديثا، فقد سهلت السعودية عملية تدمير واحتلال العراق خلال حرب الخليج والعدوان الثلاثيني، وقد ورطت العرب في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وزجت بهم في متاهات التطرف التي لم تنته حتى اليوم من خلال نشاط التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة، والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهو نفس المأزق الذي يستمر مع “داعش” في المشرق و”بوكوحرام” في غرب إفريقيا وجنوب الصحراء.
لقد حان الوقت للمسلمين عامة، وللطائفة السُّنية بشكل خاص، أن تسحب تلك الزعامة الروحية التي كانت ممنوحة لـ “سنة أمريكا” وتحالف زعاماتهم المخملية والزبونية بين أمراء الإقطاع وبرجوازيات صفقات الفساد والتبعية، ممن لا يجد غضاضة في احتقاره واحتجازه وإهانته من قبل ولي نعمته، دونما تحريك ساكن..
فماذا لا يأخذ المسلمون، خاصة السُّنة على عاتقهم رفع هذا التحدي الديني والأخلاقي والسياسي؟ من أجل التصدي لمهمة التجديد والإصلاح الديني التي طالما انتظرها الجميع..
إذا كان الغرب الذي خلق ودعم وحمى النظام السعودي طيلة أكثر من مائة سنة، قد انخرط مع السعودية في مسارات ملتوية من أجل إعادة ترتيب اللعبة من خلال إدخال تغييرات سطحية وشكلية على واجهة العائلة الحاكمة، محاولا بذلك إعطاءها عمرا جديدا.. يمنح للغرب الإمبريالي فرصة لتدبير أوراقه وتعديل أجندته الخاصة في المنطقة، تلك الأجندة التي تلتقي وتتحالف مع أجندة الكيان الإسرائيلي من خلال ما يسمى بـ “صفقة القرن”، فإن على أكثر من مليارين من المسلمين أن يرفعوا أصواتهم لكي يغيروا قواعد اللعبة، ويقلبوا للغرب ظهر المجن، من خلال استغلال ذكي يسحب ورقة الأماكن الإسلامية المقدسة من بورصة السعوديين والأمريكان.. ويغير جذريا الموازين الجيوستراتيجية والإقليمية والدولية، لصالح المسلمين.. في إطار مشروع أخلاقي لنهضة إسلامية حقيقية.. قد نسميه “صفقة الألفية”.
فليأخذ السعوديون نفط الجزيرة العربية إذا شاءوا، ولكن ليرحلوا عن أرض الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وليسموا مملكتهم بـ “الدرعية” أو غيرها، ولا بد من تغيير العلم لترفع عنه عبارة التوحيد المشتركة بين جميع المسلمين، بعد أن لم يعد يليق بحملها..
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire