مدينة لا..
كالمدن..
فقاعة..
تقبع خارج الزمن..
مرايا مهشمة..
في ذاكرة المكان..
مدينة الألف جبل..
و ألف بستان..
مدينة الأمل..
و السراب..
مدينة العطش.. و العصيان
يلفها الغبار.. و الأحزان..
تنعق في سماءها الغربان..
تحفة موحشة..
في زمن النسيان..
مدينة التلال..
والسفوح..
-000-
شرنقة.. من بلور..
فيروزة في تاج "جمشيد"
جنية حزينة..
تسكن بين الملح و الكبريت..
ساحرة تكتحل..
بالسم في عيونها الكبار..
و تنفث الدخان..
بين خصلات شعرها المخضبة..
-000-
-000-
أزويرت..
أسطورة "كونغاي"
أميرة صينية..
ضحت بنفسها..
لتصنع.. ناقوسا من حديد ..
المعادن لا تتحد..
ما لم تمتزج بدماء..
فتاة عذراء..
أزويرات..
يوتوبيا..في اللازمان..
شفافة كالألماس..
أصيلة كالذهب..
صادقة كالحجارة الكريمة..
لكنها.. مصابة..
بلعنة الأقدار..
ازويرات..
طائر "فينيكس" خرافي..
عنقاء ذات سبعة أرواح..
من العصر الجوراسيكي..
أسطورة من حديد..
ولدت من رحم خصيب..
بنت تيرس زمور.. الكبرى
خرجت ذات يوم..
من بين أضلاع "كدية الجل"..
تنين غاضب..
نفخ فيها الروح..
انطلقت أنشودة..
تداعب الوجود..
اخضوضرت..
و "نعمت"..
انسكبت
نورا..
يملأ البطاح..
ثم انزوت..
و شحبت...
تنتحب.. بلا دموع..
تحترق كل يوم ..
ألف مرة..
لتولد من رمادها..
فجر كل صباح..
-000-
قديما..
تغنى البيظان بجمالها..
و.. تلالها..
حليب نوقها..
مرابعها التليدات..
كدية الجل..
تزاديت..
فنيف..
لقليبات..
السويديات..
تورين..
قلب الغين
قلب الشيباني
قلب الحديد..
ازميلة لكطوطه..
أودي الحلفه..
بطحة السبط،
أم اظفيرات..
أم ارواكن..
لمهوده..
-000-
ولدت
أزويرات..
مستوطنة أوروبية..
تلعب بالماء.. والنار ..
على سفوح قرمزية..
تداعب بأخمصها..
رمال الصحراء ..
تستلقي ..
كحورية شبقة..
خرجت من عباءة..
شيطان رجيم..
ترسم آلاف الدوائر..
فوق "بطاح" بيضاء..
ترسل شعرها الطويل..
إلى أسفل الوادي..
تنعكس صورتها..
على كل التلال..
ازويرات..
قطفت تفاحة حرام ..
سقطت..
في سراديب الإثم الأبدي..
لحقت بها لعنة سرمدية..
قطارات "سيزيف" تائهة..
تمخر عباب الصحراء..
تنقل حجارة..
دما.. و.. عرقا..
تعبر المحيطات..
نحو أفق بعيد..
لعنة.. الفراعنة..
تطارد لصوص المغارة..
يخرج من باطن الأرض..
بأس الحديد..
ازويرات..
كما بدأت.. انتهت
ركام حداثة عابرة..
تنفث دخانا .. ونارا..
تسرح نحو المجهول كالأشباح..
تصلب نفسها بنفسها..
على سارية السراب..
تموت عطشا..
و تمضي غبارا..
تذروه الرياح..
-000-
أزويرات..
أغوت المغامرين..
و الحيارى..
و الطامعين..
شحذت همم النصارى..
حلموا فيها بالغنى..
قدموا من بعيد..
بهرهم..
لمعان الحديد..
فجروا..
تخوم الأرض..
قلوب الجبال ..
حملة نابليون..
من جديد..
-000-
أزويرات..
جمعت.. و فرقت..
فتنت الأشقاء الألداء..
دقت بينهم عطر أم منشم..
انقسموا.. اقتتلوا..
في الشوارع و على الأبواب..
تكبدوا.. و استشهدوا..
موريتانيون..
صحراويون..
مغاربة..
أزويرات..
كانت رأس فتيل..
لحرب خاسرة..
عزاؤها.. و فخرها..
بلا معنى..
القاتل و المقتول..
كلهم في الصحراء..
-000-
أزويرات..
مدينة الرفض و الكفاح..
ساخطة ككل مدن المناجم..
أشعلت ثورة الجهاد..
وثورة العمال و.. الفلاح..
أنجبت ثورة الصحراء
اطلقت شرارة حرب التحرير..
أوقدت كل شموعها..
لتنير الطريق
و انتبذت من أهلها..
مكانا قصيا..
كمريم العذراء..
صوفية.. كرابعة العدوية..
راهبة.. كالمجدلية.. صابرة.. صبر أيوب..
واهمة..
كأعمى ينتظر..
عودة البصر..
-000-
تمر بها السنون..
و تبقى..
بكامل زينتها..
ازويرات..
مدينة حالمة..
غجرية سافرة..
كمومسات شارع "سين دينيس" في باريس..
زاهدة.. كدير مهجور
بالية.. كقبر دارس..
ساذجة.. كصبية بريئة
بهية من غير جمال..
سعيدة من غير أحلام..
وردية بلون المعادن و الغبار
وديعة من غير طهر..
-000-
ازويرات أرض حمراء..
بطاحها حديد..
حديدها بطاح..
مدينة التناقضات و الأضداد..
حاضنة الثورة و الثوار..
قلعة الأحرار و الأخيار..
أرض الإبل و الحليب و.. القتاد..
عاصمة الحداثة..
أهلها بلا مطامح..
"شانتية" رتيبة..
كئيبة.. حاراتها..
بيوتها بلا ملامح..
خرزه في برزه..
ضجة.. قامت و انتهت..
شيء بين "الزيرة" و "البطحه" ..
شيء بين "الكدية’ و "السبخة"..
عيطة في وادي مسكون.
حيث يحترق الحديد بالنار..
و تحترق النار بالكبريت..
عفاريت الجان ..
مردة التكنولوجيا الأمريكية..
يعبثون بمكورات الحديد..
يهدمون الظل..
بمعاول عملاقة..
من فولاذ..
بحثا عن كمأة الصحراء..
ليسكروا بها..
عند المقيل..
وحوش ينشرون الخراب..
في ثنايا جسد جميل..
-000-
أزويرات ..
مدينة تتجدد كل صباح..
ترتوي بهواء تيرس ..
ترحب بكل القادمين..
محطة مفتوحة..
بلا أبواب و لا سقوف..
تحتضن كل الوافدين..
تنتصب شامخة..
في الهواء الطلق..
فاتحة ذراعيها..
قبلة للطامحين و النازحين
جنة للكادحين.. و الفاتحين..
حبيبة لكل العاشقين..
ترابها.. أحجارها..
"زيراتها".. "ركوكها" الحمراء..
بطاحها.. جبالها.. نخيلها،
سماؤها الزرقاء..
ألهمت قريحة كبار الشعراء..
سحرت عيونها العسلية ولد الطلبه..
القادم على ظهور العيس..
عبر الصحراء..
أهداها أروع القصائد..
"في مراتع تيرس.."
لكنها هجرته ..
ثم.. ارتمت في أحضان "جان أوديبير"
مغامر .. أوروبي..
سندباد من طينة "فرديناند دي ليسبس"
سمسار دولي محظوظ..
مهندس بارع..
في سحر المعادن ..
جاء من قرية مغمورة..
وسط فرنسا..
سرق النار من "بروميثيوس"..
خطف حديد ازويرات..
في أقصى الشمال..
صهره في الأفران العالية في "دينكرك" ..
على ضفاف بحر الشمال ..
ركب صهوة "اللاندروفر"..
منتصف الخمسينيات..
أسس حاضرة مخملية..
أثرى أصحاب رساميل.. ميفرما..
من أعماق مناجم ازويرات ..
مأساة أزويرات..
حديد أزويرات..
أجود مرتين..
من حديد.. "اللورين"..
قصة ميفرما مع حديد أزويرات..
كقصة حفر قناة السويس ..
كقصة "خريبكة" مع الفوسفات.. في المغرب..
كقصة "اسويل" مع النحاس.. في تشيلي
كقصة "كولمانسكوب" مع الماس في ناميبيا..
كقصة "ويتنوم" مع "الأسبستوس" في استراليا..
كقصة "بودي" مع الذهب في كاليفورنيا..
كقصة "كاديكشان" مع الفحم في روسيا..
رحل "أودبير" و رحلت"ميرفرما" ..
و بقيت ثمرة عشقهما للحديد و المال.. و النار..
بنت فرية..
بلا هوية..
تسمى ازويرات..
مدينة ملأت الدنيا..
و شغلت الناس..
-000-
منذ ذلك الحين..
تعاني أزويرات..
أوجاعها .. الأبدية..
انفصام الشخصية
ضعف الذاكرة..
شخوص البصر..
فقر الدم..
ضيق في التنفس..
ازويرات
مدينة.. تحتضر..
بالسيليكوز..
لكنها..
لن تموت..
من تحت الغبار..و الرماد..
ستنهض نار مقدسة
ينزل مطر بلوري..
يغسل محياها البريء..
و تنتصر الحياة..
-000-
أزويرات..
زنبقة تائهة..
في صحراء قاحلة..
تقاوم الريح..
تنتشي باللظى..
مدينة.. مخضبة بالأسى..
جابت كل دروب الإباء
"شانتيه".. مفتوحة..
ورشة قزحية..
لمقالع الحديد..
حولها الكادحون..
إلى كعبة للنضال..
ثارت و استثارت..
قاومت و استبسلت..
عملت.. و شقيت..
كدحت.. و قدحت..
أزبدت و ارعدت..
أثخن فيها..
صولجان القمع الآثم..
تساقط الشهداء..
في الميادين..
اربعت الأرض.. بالفداء
إلى أن جاء التأميم
دخلت سياسة التأزيم..
بدأت حكاية "لاسنيم"
-000-
"لاسنيم" في ازويرات..
ترجمة فورية لكلمة ميفرما..
بحروف عربية ..
و سحنة نورماندية ..
شركة.. وطنية.. للصناعة.. و المناجم..
وطنية.. لا تتحدث اللغة العربية..
و لا البولارية..
و لا السونكية..
و لا الولفية..
و لا الحسانية..
و لا الصنهاجية..
صناعية..
بلا صناعات..
منجمية..
لم تبق لها مناجم..
لم تصنع وادي السيلكون..
لكنها.. أسست وادي السلكوز..
وهج المعادن..
يغذي سراب الأمل..
في قيعان لا متناهية..
"لاسنيم" في أزويرات..
"لاسنيم" في ازويرات..
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire